الناصر لدين
الله يوسف بن أيوب بن شادي بن مروان الملقب صلاح الدين الأيّوبي (ولد 1138
- 1193م) في تكريت في العراق وهو كردي الأصل هو مؤسس الدولة الأيوبية في
مصر و الشام و شمال العراق والحجاز
نشأته
ولد صلاح الدين سنة 532ھ في قلعة في تكريت في العراق و أقام ونشأ في دمشق
لما كان أبوه وعمه بها والظاهر أنهم ما أقاموا بها بعد ولادة صلاح الدين
إلا مدة يسيرة، ولكنهم خرجوا من تكريت في بقية سنة 532ھ التي ولد فيها
صلاح الدين أو في سنة ثلاث وثلاثين ثم انتقل وهو صغير إلى دمشق ونشأ فيها،
وعمل نجم الدين أيوب على بعلبك سنة أربع وثلاثين
عمل صلاح الدين جنديًا ثم قائدا في جيش الشام في خدمة نور الدين زنكي في دمشق .
يقول بن خلكان:
أخبرني بعض أهل بيتهم وقد سألته هل تعرف متى خرجوا من تكريت فقال سمعت
جماعة من أهلنا يقولون إنهم أخرجوا منها في الليلة التي ولد فيها صلاح
الدين فتشاءموا به وتطيروا منه فقال بعضهم لعل فيه الخيرة وما تعلمون فكان
كما قال والله أعلم
.
في مصر
التحق يوسف (صلاح الدين) ابن أيوب بخدمة الملك العادل نور الدين زنكي،
فأرسله إلى مصر ليستكمل عمل عمه أسد الدين شيركوه في بسط سيطرته عليها و
العمل على صد الحملة الصليبية على مصر، و في ذات الوقت ليستكمل انتزاعها
من الفاطميين الذين كانت دولتهم في أفول، فنجح في عرقلة هجوم الصليبيين
سنة 1169 بعد موت شيركوه، و قمع تمردا للجنود الزنوج، كما فرض نفسه كوزير
للعاضد، الخليفة الفاطمي العاجز، فكان صلاح الدين هو الحاكم الفعلي لمصر.
كان الوزير الفاطمي شاور هرب من مصر من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار
الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره
وأخذ مكانه في الوزارة وقتل ولده الأكبر طي بن شاور فتوجه شاور إلى الشام
مستغيثا نور الدين زنكي في دمشق وذلك في شهر رمضان 558ھ ودخل دمشق في
الثالث والعشرين من ذي القعدة من السنة نفسها فوجه نور الدين معه أسد
الدين شيركوه بن شادي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين في جملتهم في خدمة
عمه وهو كاره للسفر معهم وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان؛ قضاء
حق شاور لكونه قصده ودخل عليه مستصرخا، و أنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه
كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف
عن حقيقة ذلك.
يقول بن شداد:
لقد قال لي السلطان صلاح الدين قدس الله روحه كنت أكره الناس للخروج في
هذه الدفعة وما خرجت من دمشق مع عمي باختياري وهذا معنى قول القرآن "وعسى
أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"
تأسيس الدولة
طالع مقالة "الأيوبيون"
في مصر انضم إلى صلاح الدين عدد من أبناء عشيرته تحت بصر نورالدين الذي
كان يعلم أنهم يسعون لتركيز قواهم فيها و بسط نفوذهم عليها بمستقل عنه
في البداية لم يكن مركز صلاح الدين في مصر مستقرا بسبب الاضطراب الذي سببه
توالي عدد كبير من الخلفاء الفاطميين الأطفال في مد قصيرة، تتحكم فيهم
سلسلة من الوزراء، كما أنه بسبب انطلاقه من خلفية سورية سنية لم يكن له
ولاء كبير في الجيش المصري الذي كان يقوده الشيعة في ظل الخلافة الفاطمية.
بعد موت العاضد سنة 1171، دفع صلاح الدين العلماء إلى المناداة بالمستضيء
العباسي خليفة و الدعاء له في الجمعة و الخطبة باسمه من على المنابر، و
بهذا انتهى حكم سلالة الفاطميين، و حكم صلاح الدين مصر كممثل للحاكم
السلجوقي نور الدين الذي كان الذي كان في النهاية يقر بخلافة العباسيين.
حدّث صلاح الدين اقتصاد مصر، و أعاد تنظيم الجيش مستبعدا العناصر الموالية
للفاطميين، و اتبع نصيحة أبيه أيوب بألا يدخل في مواجهة مع نورالدين الذي
كان يدين له رسميا بالولاء. لكن بعد موت نورالدين سنة 1174 اتخذ صلاح
الدين لقب "سلطان" في مصر مؤسسا الأسرة الأيوبية، و مادا نفوذه في اتجاه
المغرب العربي
الحرب مع الصليبين
بينما كان صلاح الدين يعمل على بسط نفوذه على عمق سورية فقد كان غالبا
يترك الصليبيين لحالهم مرجئا المواجهة معهم و إن كانت غالبا لم تغب عنه
حتميتها، إلا أنه كان عادة ما ينتصر عندما تقع مواجهة معهم، و كان
الاستثناء هو موقعة مونتجيسارد يوم 25 نوفمبر 1177 حيث لم يُبدِ الصليبيون
مقاومة فوقع صلاح الدين في خطأ ترك الجند تسعى وراء الغنائم و تتشتت،
فهاجمته قوات بولدوين السادس ملك أورشليم و أرناط و فرسان المعبد و هزمته.
إلا أن صلاح الدين عاد و هاجم الإمارات الفرنجية من الغرب و انتصر على
بولدوين في موقعة مرج عيون في 1179 و كذلك في السنة التالية في موقعة خليج
يعقوب، ثم أرسيت هدنة بين الصليبيين و صلاح الدين في 1180.
في عام 1187 وقع أغلب مملكة أورشليم في يد صلاح الدين، و في 4 يوليو 1187
واجه في موقعة حطين القوات المجتمعة لجاي ذي لوزينان نائب ملك أورشليم، و
ريموند الثالث ملك طرابلس، و في تلك الموقعة كادت قوات الصليبيين تفنى على
يد جيش صلاح الدين و كانت طامة كبرى و نقطة تحول في تاريخ الصليبيين. كما
أسر أرناط و أشرف صلاح الدين بنفسه على إعدامه انتقاما لتحرشه بالقوافل،
كما أسر جاي ذي لوزينان إلا أنه أبقى على حياته. و تروي مصادر أوروبية أنه
على غير العادة فإن صلاح الدين أمر بإعدام ما يقرب من مئة من فرسان المعبد
و الهوسبتاليين لأنهم كانوا أخطر وحدات الصليبيين و أكثرها تدريبا و
انتماء عقيديا
كانت المواجهة مع ريتشارد و معاهدة الرملة آخر أعمال صلاح الدين، إذ أنه
بعد وقت قصير من رحيل ريتشارد ، مات صلاح الدين من الحمى في دمشق في 3
مارس 1193، الموافق يوم الأربعاء 27 من صفر 589ھ. و عندما فُتحت خزانته
الشخصية وجدوا أنه لم يكن فيها ما يكفي من المال لجنازته، فلم يكن فيها
سوى سبعة وأربعين درهما ناصرية وجرما واحدا ذهبا سوريا ولم يخلف ملكا ولا
دارا [بحاجة لمصدر]، إذ كان قد أنفق معظم ماله في الصدقات.
وفاته:
صلاح الدين مدفون في ضريح في المدرسة العزيزية قرب الجامع الأموي في دمشق
إلى جوار نور الدين زنكي، و كان فلهلم الثاني إمبراطور ألمانيا عندما
زارها قد وضع باقة زهور جنائزية على قبره عليها نقش معناه "ملك بلا خوف و
لا ملامة علّم خصومه طريق الفروسية الحق"[2]، كما أهدى نعشا رخاميا للضريح
إلا أنه جثمان صلاح الدين لم ينقل إليه و بقي في النعش الخشبي، بينما بقي
الهدية في الضريح خاويا إلى اليوم.