ما سر تجمد مشاعرنا والتبلد الذي أصابنا حتى أصبحنا نرى ونسمع مشاكل غيرنا دون أن تهتز مشاعرنا . فقط نتفرج دون أن تتأثر جوارحنا وكأن كل منا يعيش في كوكب آخر ؟
بشر ضاقت بهم الأرض بما رحبت وليس لهم وسيلة للهروب من واقعهم المر التعيس الذي يعيشونه إلا بالسعي وراء الماديات أو الشكليات ؟؟
بشر لا يتحركون إلا لمصلحتهم ولأنفسهم فقط وعندما يحين الوقت لمساعدة غيرهم لا تجدهم إلا وهم يتحججون بالمشاغل والظروف و ضيق الوقت ؟؟!
ضغوط الحياة كثيرة
ضغوط الحياة كثيرة ؟؟
نعم .. قد تكون بسبب ظروف عائلية أو حسية و عاطفية أو وظيفية أو اجتماعية أو مادية أو صحية أو جسدية أو أو أو أو !!
ويختلف إحساس وتقبل كل منا لهذه الضغوط حسب تركيبته وتربيته وثقافته وغيرها من العوامل , وأي كائن يمكنه أن يتحمل جهازه الهضمي والعصبي والمناعي كل تلك الضغوط دون أن يشكو أو يتألم أو يعاني أو يتذمر أو يتأفف ! خاصة أن الضغوط قد بدأت تصيبنا بزلزال يدمر نفوسنا ومازالت توابعه تأتي على صحتنا وراحتنا ..
انه العصر الحديث أخواني الذي نجري وراءه بأنفاس متهدجة ولا نجد الوقت للتأمل أو للاسترخاء فيه , نبحث عن أنفسنا داخل هذا العالم فلا نجدها ؟ فكل ما حولنا من صراخ وضجيج , من تنديد واستنكار , افقدنا التواصل مع الآخرين وغابت اللمسة الرقيقة والكلمة الحانية وتغيرت النفوس وتبدلت الأحوال
فلا وقت لدينا ,
الكل مهموم ,
الكل مشغول ,
الكل مضغوط ,
الكل متأفف ,
الكل قلق !
حتى أصبح كلامنا وعزائمنا وتهنئتنا وسؤالنا من خلال بضع كلمات نكتبها في عجالة من أمرنا على الجوال و نرسلها في ثوانِ , حتى انعدمت روح العاطفة لدينا وباتت مشاعرنا جافة بلا معنى أو هدف .
اتسعت الفجوة بين أقوالنا وأفعالنا , خاصة أننا شعوب تتكلم كثيرا ونفعل العكس ,, عكس ما نقول أو لا نفعل شيء ! وذلك لأن طريقة تفكيرنا كما هي , لم تتغير , الذي تغير فقط الآلية أما المضمون فللأسف ثابت .
إن إحساسنا بالضغط إدانة واضحة لأنفسنا فنشعر بأن في أعماقنا أخطاء لابد أن نصححها , أن هناك نقص يجب أن نستكمله ,, إذن ليس من الجميل أن يسألك احد أين أنت ؟؟ فتقول له عذرا أنك تعاني من ضغوطات , أنا مشغول,, ليس لدي وقت لعمل أي شيء أو للسؤال على أي احد !! .
علينا أن ندرك جميعا بأن الضغوط قد أصبحت سمة العصر وجزءاً لا يتجزأ من حياتنا وان الله سبحانه وتعالى وهو خالقنا قد منحنا قدرة التكيف معها ,,
لو أردنا نحن ذلك ,, ولم نستسلم لها ,, والإرادة تنبع من الداخل ولن تزرع , نتعلمها ولكن نتدرب عليها لنتغلب على ما يواجهنا ونحدث التوازن بين متطلباتنا ورغباتنا ونمنح عقولنا الفرصة للتكيف مع الأزمات التي نمر بها .
ينبغي ألا نجهل أهمية البعد عن الأنانية وحب الذات فالسعيد من يوزع الخير على الناس وعلينا أن نجعل قلوبنا عامرة بالتسامح والحنان والحب والتفاؤل
ونتطلع دائما إلى الأفضل ونبتعد عن الحقد والغل والكراهية والحسد وغيرها من أمراض القلوب التي للأسف إذا زادت وتكاثرت أصبحت ملحوظة ويراها الناس بوضوح !
علينا أن نسعد فالسعادة إحساس وشعور وعمل يولد الرغبة بالرقي والتسامي ويروض مشاعرنا ويهذبها , فنحن نبحث في هذه الحياة عن السعادة , عن راحة البال و السلام , عن الأمان والدفء وعن سكون يسكن أعماقنا ,
ولكي نشعر بكل ذلك علينا أن نؤمن بقضاء الله وقدره ونشعر بالرضا ونسلم بكل ما يواجهنا من الخير والشر وان لا ننظر لما في يد غيرنا أو نحسده على ما أعطاه ربه من نعم أو نجاحات ما هي إلا بتوفيق من الله وباجتهاد وتفاني منه ,,
بل لا مانع أن تسعى لان تصبح مثل هذا الناجح و تجتهد وتبذل مجهود ولكن لا تظل قابع في مكانك وتحسد وتحقد وتأكل في نفسك ثم تنتظر النجاح !! , لا معنى لأن ينصحك أحد بان تستمر في التقدم وتبذل مجهود فترد عليه " مهما فعلت لن يلاحظ أحد ما أفعله " ؟؟!
علينا أن نعلم أن لكل أمر حكمة وان كانت مخالفة لرغبتنا , فلابد أن نتفاءل ونحسن الظن بالله وأن نكون أكثر واقعية وأن نسعد أنفسنا بالواقع الذي نستطيع رفعه أو دفعه وأن نتعامل مع الجميع بقلب محب متسامح لأننا لن نجعلهم كما نريد ونحب .
وفي حالة استبد بنا الآمر وتكالبت علينا الهموم وشكونا من الضغوطات علينا أن نبحث عن أناس آتاهم الله من العلم والحكمة ووهبهم ملكة ربانية أيديهم حانية على من يحتاجونهم يرسمون البسمة على وجوههم يستنفرون طاقاتهم في سبيل أن يرون نور السعادة ينبثق من عيونهم من هؤلاء الذين أصبحت عيونهم عميا ًعن رؤية الأمل في الحياة ...
فإلى متى سنظل خلف قضبان ضغوط الحياة الكثيرة