ولقد ترتب على عملية 6 و 8 أكتوبر قضيتان:
الأولى قضيــة اغتيال السادات، وهى القضية رقم7/ 1981.
والثانيــة، هــى القضيــــة رقم 48/1982 أمن دولـــة عليــا.
وقد قضت المحكمة العسكرية العليا بمعاقبة كل من خالد الإسلامبولى وعبد الحميد عبد السلام وعطا طايل وحسين عباس ومحمد عبد السلام فرج بالإعدام، ومعاقبة كل من عبود الزمر وابن عمه طارق الزمر ومحمود طارق إبراهيم وأسامة السيد قاسم، وصلاح السيد بيومى بالأشغال الشاقة المؤبدة، وبــراءة الشيخ عمــر عبد الرحمن مفتى التنظيم ومعــــه آخـــر.
والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة لمدد مختلفة، وكان عدد الجميع 24 متهمًا.
وقد تم تنفيذ حكم الإعدام فى خالد الإسلامبولى ورفاقه فى يوم 15 أبريل 1982.
أما القضية الثانية، وهى قضية تنظيم الجهاد، فقد حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على سبعة متهمين، وعلى رأسهم عبود الزمر وقيادات الصعيد، وعلى 103 آخرين بالأشغال الشاقة لمدد مختلفة، وبراءة 190 متهمًا.
وبذلك انتهت صفحة تنظيم الجهاد، الذى يستمد أهميته فى تاريخ جماعات التكفير فى مصر من أنه التنظيم الذى قتل السادات!
وكما رأينا فإن هذا الاغتيال لم يتم نتيجة مخطط المصادفة تم تنفيذه، إنما كان نتيجة مخطط أقحم على التنظيم من جانب خالد الإسلامبولى، الذى دفعت به الصادفة إلى الموقع الذى يستطيع أن يغتال منه السادات، من قبل أن يكون التنظيم قد نصج لجنى ثماره.
ولقد تسرع التنظيم فى قبول مخطط خالد الإسلامبولى قد كشف أمره بعد اعتقالات 2 سبتمبر 1981، فى الوقت الذى كانت سلطات الأمن تجهل بالفعل وجوده!
وهذا ما أثبتته المحكمة العسكرية العليا، فقد ذكرت له (من الأمور التى استقرت فى يقين المحكمة أن أجهزة الأمن فى الدولة، وعلى كافة مستوياتها، لم تكن لديها معلومات عن التنظيم منذ إنشائه خلال عام 1980.
وحتى بدأ فى تنفيذ مخططه بمحاولة قلب نظام الحكم فى الدولة، رغم أن التنظيم-كما هو ثابت من التحقيقات التى تمت-كان له نشاط ممتد فى جميع محافظات الجمهورية، يعقد الاجتماعات، ويجند الأفراد، ويشترى السلاح ويدرب الأعضاء!
بل رغم من أعضاء التنظيم كثفوا من نشاطهم بعد قرارات التحفظ الصادرة فى 2 سبتمبر 1981، بعقد لقاءات فى محافظات الوجه القبلى والقاهرة والجيزة، والتنقل بين هذه المحافظات، وشراء مزيد من الأسلحة النارية، وتوزيع ما لديهم من مفرقعات وقنابل على أماكن آمنة فى نظرهم.
بل إنه على الرغم من أن عددًا كبيرًا من أعضاء التنظيم كانوا ضمن قوائم قرارات التحفظ، فقد ظلوا هاربين ولم يقبض عليهم حتى وقوع الأحداث).
وقد كان بسبب اعتقاد التنظيم بأن أمره قد كشف، وبسبب قبوله مخطط خالد الإسلامبولى لاغتيال السادات، أن أقحم خطة الاستيلاء على السلطة والقيام بالثورة الشعبية دون أن يكون قد ملك إمكاناتها أو استعد لها الاستعداد الجدير بها.
فلم يكن وقتذاك قادرًا على قلب نظام الحكم، ولم يكن قد مد فروعه إلى الأماكن الحيوية التى تسهل له ذلك!وبجانب فشله فى ضم عسكريين إليه-باستثناء أفراد معدودين-فإن خطته للاستيلاء على مبنى الإذاعة والتليفزيون كانت خطة ضعيفة للغاية، ولم يكن يملك السلاح الكافى لتنفيذ الخطة، كما لم يكن يملك الإمكانات للاستيلاء على وزارة الدفاع ومقر الحرس الجمهورى – كما كان مقررًا فى الخطة الأصلية. وقد انعكس إدراك التنظيم لعجزه عن قلب نظام الحكم وتفجير الثورة الشعبية، فى تركه فرصة التخلص من جهاز الحكم الذى كان محيطًا بالسادات فى منصة الاستعراض، والذى كان ممثلاً فى كبار رجال الدولة، واعتماده خطة اغتيال السادات وحده.
وعلى كل حال، فباستسلام التنظيم لإغراء اغتيال السادات، يكون قد حكم على نفسه بالفناء، ويكون قد ارتكب نفس الخطأ الذى ارتكبته جميع التنظيمات الإسلامية الإرهابية فى مصر، وهو الاصطدام بالسلطة قبل أن تكون قد استعدت لهذا الصدام. فالسلطة فى بلد مثل مصر، لم يعرف الديمقراطية الليبرالية الحقيقية أكثر من سبع سنوات خلال سبعة آلاف سنة (هى سنوات حكم الوفد قبل الثورة) هى على الدوام أقوى من أى تنظيمات انقلابية سواء كانت هذه التنظيمات علنية أو سرية!
وكما أن السادات سحق كل التنظيمات العلنية باعتقالات 2-5 سبتمبر 1981، عندما اصطدمت به،
************************
المــــــــــــراجع
مجلة أكتوبر بتاريخ No1568-12/11/2006 عن مقالة بعنوان " الحقيقة التاريخية حول اغتيال الرئيس السادات " بقلم د/ عبد العظيم رمضان