سارت شيماء بجوار زوجها حامد كتفاً لكتف فى الطريق لأداء صلاة الجمعة .. كان اليوم صبيحة يوم ربيعي مشمس .. مشيا معاً يتبادلان الحديث و الضحكات يحيون جيرانهم مبتسمين متفائلين … حتى وصلوا للمسجد ..
دخل حامد من الباب المخصص للرجال و دخلت شيماء من باب آخر عبر سلم ضيق كسلالم الخدم يؤدى لقاعة مخصصة لصلاة النساء مفروشة بالسجاجيد مغلقة الشبابيك حتى لا يراهم رجل .. كانت القاعة مزودة بشاشات عرض تعكس نقل مباشر لصلاة الرجال عبر نقل تليفزيوني حي. ادت شيماء صلاة تحية المسجد و صلت ركعتين سريعا ثم جلست تراقب شاشة التلفزيون لعلها تجد زوجها بين جموع الرجال المصلين.
و فكرت شيماء مادام المسجد يسمح للمراة بالنظر للرجال و هم يصلون فلماذا إذاً الفصل ما بين الرجال و النساء ؟! .. و لماذا يتم وضع تلك الشاشات التليفزيونة ا فى مكان القبلة ؟ أليس هذا نوع من العبث لمفهوم العبادة؟! .. هل هى هنا لكي تصلي لله أم لصورة الرجل المنعكسة امامها؟! …
و بدأت الخطبة
… كالعادة بدأ امام المسجد خطبته بالويل و الثبور و عظائم الامور لمن لا ترتدى الحجاب فى هذا الزمن الهباب … كان هذا هو مدخل الشيخ صاحب الصوت المنفر .. لا أعرف لماذا ترك الشيخ المبجل كل قضايا العصر و كل الخطايا و كل المعاملات البشعة بين البشر من انعدام للمودة و الرحمة و الحب المفتقد ليتحدث عن ثقافة الجواري وعورة المرأة و انها كلها عورة و انها كالشيطان الرابض للرجل ..يغويه و يدنسه و يدعوة للا نحراف و الخطيئة … كل ذلك رغم ان كل النساء كن محجبات في قاعة الصلاة .. ربما بسبب قدسية المكان ..و لكن تذكرت صديقاتها اللواتي تحجبن ..البعض لأن أفراد العائلة قاطعوهن و البعض بسبب التعرض للمضايقات في الطريق و البعض الآخر بسبب غلاء اسعار الملابس و كوافيرات الشعر و الميك اب و البعض بداعي الكسل فقط.
فجاة رق صوت الأمام و هو يشرح معنى الاية الكريمة " ادنى ان يعرفن فلا يؤذين " .. و فتح الله عليه ليبحر و يصول و يجول فى معنى الاماء ووصفهن و كيفية اقتناصهن عن طريق الحروب و الفتوحات المجيدة و طبيعة عملهن و كيف يتحررن و كانه يقرا قصة من قصص الف ليلة و ليلة يمتع بها الرجال بالمسجد خالعا عليهم دور البطولة … و سرحت شيماء فى قوله و فكرت …. سبحان الله الرجل له الحق فى امتلاك الاماء و الزواج باربع نساء و المراة التى لا تتزوج لعدم جمالها او لاى سبب اخر لماذا لا يكون لها الحق فى شراء عبد تتعفف به مثل الرجل ؟
لم يتطرق الشيخ لهذه النقطة لانه وضع منذ البداية مبدا ان المراة عورة ..أي ان فكرها ايضا عورة و بما أن فكرها عورة فان رايها ايضاً عورة ..لا يجب اعطائه اى اعتبار .
..ثم انتقل الشيخ لنقطة اخرى هى ان المراة تتحجب حماية للرجل من ان يفتتن بها و بمحاسنها و كان الرجل الذى له الحق فى امتلاك الاماء ( كقول الشيخ ) و من حقه التزوج باربعة مازال سينظر لامراة تسير فى الطريق فيفتن بها .. و كأن هذا الرجل لا يرى المراة الا فى الشارع فلا يراها سافرة متبرجة بالقنوات الفضائية بل و عارية بمواقع الانترنت و رسائل الموبايل التى يستحضرها بارادته … ترى …. هل يعيش هذا الشيخ عصر القنوات الفضائية و الانترنت و الموبايل ام انه مومياء محنطة في متاحف منذ زمن ولى و لن يعود ؟
و لماذا الحجاب للمراة فقط و ليس للرجل ؟ اليست المراة تفتن أيضاً مثل الرجل تماما..ألم تفتن زوجة عزيز مصر بيوسف .. أن فتنتها في الرجل أشد وقعاً طالما أنها لا تستطيع ان تختار رجلا يعجبها فتخطبه و تتزوجه كما يفعل الرجل و ليس لها ان تعترض ان اصبحت فرصتها فى الزواج ضئيلة بسبب تعنت الاباء و مغالاتهم فى المهور و تكاليف الزواج أو الطلبات المرهقة مثل شقة تمليك أو سيارة مثلاً …
فلماذا لا يتحجب الرجل حماية للمراة من ان تفتن به ؟ اليس غض البصر للاثنين على السواء ؟ انتهت خطبة الجمعة للشيخ القادم من غياهب الزمن الماضي و عادت شيماء لبيتها لتجد زوجها الذى تشبع بخطبة الشيخ مشوه الفكر ينتظرها
… فما ان رآها حتى سألها لماذا تأخرتى يا شيماء ؟ فاوضحت له انها كانت مع السيدات بالمسجد ينتظرن خروج الرجال و انصرافهم حتى لا يختلطن بهم عند ابواب الخروج .. فلم يقتنع و اعجبه الدور الذى خلعه عليه الشيخ المغوار فى بطولة اقتناص الاماء و اسرهن و سلب حريتهن و ان المراة ما هى الا شيطانة تغوى الرجل بجسدها الفاتن فلابد من عقابها بتغطية هذا الجسد و عدم النظر اليه و تأديبه بيد الزوج الذى اصبح خصما لزوجته و حبيبته .. اعجبه دور الحاكم الذي يأمر فيطاع على الفور و بلا نقاش …
رفع حامد صوته قائلا لشيماء …
انت لا تطيعيننى و تتأخرين خارج البيت بدون أذنى انت نااااشز .. أنت طاااالق … سأتزوج من تكون كالحذاء فى قدمي..صعقها وهو يصفق الباب خارجاً للبحث عن حذاء.