نشرت مجلة العالم البيروتية في العام 1962 موضوعا شيقا و ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد تاريخ كرة القدم في العالم مدعم بصور ورسومات ملفتة ، يعرض خلالها تتطور هذه اللعبة وصولا الى احتلالها مكانتها كأكثر الالعاب انتشارا بين سكان العالم.
وننقل لكم اليوم بمناسبة افتتاح كأس مونديال جنوب افريقيا الموضوع كاملا مرفقا بصور بالحجم الكبير هدية منا لعشاق كرة القدم من قرائنا.
image
كرة القدم بين الماضي والحاضر
مجلة العالم
image
العدد السادس ـ السنة الحادية عشرة - تشرين الثاني 1962
حدث ذات يوم ــ خلال أحد العهود الغابرة ، عندما لم يكن أحد من الناس قد سمع بعد بروافد الأهداف وعواميدها الخشبية ، وكانت الشباك تستعمل فقط لصيد الأسماك ــ أن عاد رجل ، يلبس الجلود مصبوغ الوجه باللون الأزرق ، إلى كهفه صفر اليدين ، بعد أن قضى سحابة نهاره ساعيا وراء صيد الايائل . ثم ستـّف هراواته ونبابيته الخشبية ورماحه ذات الرؤوس الصوانية عند الحائط ، وفي لحظة تكاسل حسنة الطالع التقط مثانة خنزير بري كانت ملقاة على الأرض جانبا ، وراح ينفخها ، وبهذه النفخة استطاع ذلك الرجل الهمجي المجهول أن يخترع ، دون علم منه ، اول كرة عرفها العالم .
ولكي يخفف توتر أعصابه وحدة جوعه ، أعرب عن سخطه وشعوره المكبوت بالانتقام من تلك الكرة . فرفسها برجله ... فوجد التجربة ممتعة للغاية ، سيما وأن الكرة لم ترد عليه برفسة من جانبها ، كما كانت زوجته تفعل . فأعاد الكرة مثنى وثلاثا ورباعا .... واستمر يفعل ذلك حتى شاركه في بدعته تلك أصدقاؤه من سكان الكهوف المجاورة . ثم انضم اليهم جميع أفراد القبيلة ، وراح الكل يركض في الغابة تحت المطر ، يطاردون تلك المثانة المنفوخة ويرفسونها ، ويرفسون معها بعضهم بعضا ...
وعلى هذا النهج ــ أو بالاحرى هكذا نود أن نخال ــ بدأت لعبة كرة القدم أول ما بدأت . غير أن أولئك اللاعبين الأوائل كان من الصعب عليهم أن يتوقعوا أن أحفادهم بعد عدة آلاف سنة سيجنون الأجور الضخمة مقابل تأدية ذات العمل ، وأن ملايين الاشخاص في جميع أرجاء العالم سيدفع كل منهم أكثر من ثمن أيل كامل لمشاهدة فريقين يطاردان كرة في عطلة نهاية الأسبوع .
شيوع اللعبة في القرون الوسطى
image
ومع مرور العصور زاد شيوع اللعبة وانتشارها ، ونشأت مع ذلك إقامة الأهداف . وما أن حلت القرون الوسطى حتى كانت الكرة الجلدية المألوفة اليوم قيد الاستعمال . ودرجت العادة آنئذ أن يقدم اسكافيو المدن سنويا وفي الأعياد الخاصة كرة جلدية يساوي ثمنها قرابة 170 فلسا كهبة منهم إلى تجار الأقمشة والأجواخ ، كي يلعبوا بها قدر استطاعتهم قبل أن يشترك معهم جميع سكان البلدة أو المدينة ، ويذهبوا بها يتقاذفونها ويزأرون عبر الطرقات والأزقة ، كما يفعل الرعاع والسوقة في أيامنا هذه تماما .
image
وفي أيام المباريات كانت الحوانيت تغلق أبوابها وتغطى النوافذ بالحواجز الخشبية ، لأنه إذا ضرب أحدهم الكرة ودخلت أحد البيوت ، تبعها الجميع حيثما استقرت .
وفي بعض الأحيان كانت جميع نساء القرية المتزوجات ينازلن جميع النساء غير المتزوجات ، وكثيرا ما فزن عليهن فوزا ساحقا . وفي الريف كانت قريتان أو ثلاث قرى تتحد معا لمبارزة قرى أخرى . وفي الحالة الأخيرة كانت تفصل بين الهدف والآخر مسافة أربعة أميال . وكان تعداد كل فريق يبلغ عدة مئات ، يلاحقون الكرة عبر الأنهر والمستنقعات والمزارع . ولم تلبث مباريات كرة القدم أن أصبحت شائعة مألوفة إلى حد جعل ملوك انكلترا يخشون أن ينصرف الشبان عن التفنن برياضة (( النبالة )) ( القوس والنشاب ) ، وأن تهبط من جراء ذلك مهارة الجنود في الحرب . وقد تجلى ذلك بوضوح في الحرب ضد اسكتلندة خلال القرن الثالث عشر ، عندما ظهر ميل بيـّن لدى الجيشين المتحاربين إلى خوض مباريات في كرة القدم ضد بعضهم البعض ، بدلا من خوض غمار المعارك الدامية . ولذلك حرّمت هذه اللعبة وظلت غير شرعية لمدة مئتي سنة .
اللجوء إلى العنف لاصابة الهدف
image
والجدير بالذكر أن أولئك اللاعبين الأوائل لم يعرفوا سوى قاعدة واحدة ــ أن يجعلوا الكرة تخترق مرمى منافسيهم بأية طريقة ، ما عدا اللجوء إلى وسيلة القتل . ولكن حتى هذه القاعدة كثيرا ما نقضت . وقد كتب أول مراسل رياضي عرف ابان القرن السادس عشر : (( كرة القدم إنما هي لعبة جهنمية . فهي ، كما تبديه الاختبارات اليومية ، مزيج من الشغب والشجار والقتل والاغتيال وكثير من سفك الدماء )) .
وكتب مراسل آخر : (( عند ما يشتد وطيس اللعب عنفا وقسوة ، يبدأ اللاعبون برفس قصبات أرجل بعضهم البعض ، دون أدنى اكتراث ، ومنهم من يسقط إلى الأرض من جراء جراحهم )) . والغريب في الأمر أن الإصابة بكسور في الرأس كانت تعتبر مجرد جروح طفيفة . وعلـّق أحد النظارة الأجانب ، وهو يشاهد إحدى هذه المباريات ، بأنه إذا كان هذا ما يسميه الناس (( لعبا )) ، فإنه يبغض أن يقول ما هو الشيء الذي يسمونه قتالا .
وليس من الصعب أن نجد لهذه المشاجرات الرياضية صورا طبق الأصل في بعض أنواع المباريات الدولية التي تقام في الوقت الحاضر . فمثلا ، ما زلنا نذكر مبارة الكأس الدولية بين هنغاريا والبرازيل في سنة 1954 ، عندما أصيب اللاعبون والمسؤولون ورجال الشرطة بجروح مختلفة ، وغدا الملعب أشبه ما يكون بميدان معركة . كما نذكر (( معركة سنتياغو لسنة 1962 )) ( كما تسمى الآن ) ، بين الفريق التشيكي والفريق الايطالي في مباريات الكأس الدولية ، عندما لكم أحد أفراد الفريق التشيكي بقبضته اليسرى الظهير الايطالي لكمة ألقته أرضا وأفقدته وعيه ، لا شبيه لها إلا على خشبة الملاكمة ، مما أدى إلى حدوث سلسلة من المعارك الفردية في طول الملعب وعرضه . ومع أن فن كرة القدم اكتسب لذاته صفة الحنكة والاتزان ، كما اكتسبت قواعدها بعض التعقيدات ، فان سلوك العقل لدى بعض اللاعبين لا يختلف كثيرا على ما يبدو عن سلوك رافسي الكرة الاوائل من سكان الكهوف .
مفهوم الروح الرياضية
والواقع أن هذا الميل العصري إلى الحماسة الزائدة بين لاعبي الكرة من الدرجة الأولى ، ما هو إلا نتيجة تسلط أعين الجماهير الغفيرة عليهم ، واعطائهم الوعود باغداق الاموال الطائلة عليهم في حالة فوزهم . وقد أمكن كبح هذا الميل بين اللاعبين الانكليز لمدة مئة سنة تقريبا . وفي القرن التاسع عشر أصبحت كرة القدم في انكلترا اللعبة المميزة لدى المدارس الخاصة ، ولم تعد وقفا على الرعاع والسوقة . وكانت تلك المدارس الخاصة وقتئذ فريدة في نوعها . فلم تهدف إلى تخريج شبان مكتظة عقولهم بالمعرفة بقدر اهتمامها بتخريج أشخاص من قالب خاص ــ أشخاص يعيشون حياتهم وفق نظم خلقية غير مكتوبة ، ترتكز على الاستقامة العادلة في جميع الخلافات . ولم يستطع أحد أبدا أن يصف تماما من هو الرجل الماجد الغطريف ( الجنتلمان ) .
ولكن كل واحد كان في استطاعته أن تميزه حالما يقع نظره عليه . وكان هذا الرجل محبوبا بوجه عام ، ولكن ليس مفهوما إلا قليلا .
وهذا اللاعب الغطريف الكريم هو الذي أدخل إلى كرة القدم مفهوم الروح الرياضية الحقة ، ولسان حاله يقول : (( اللعب هو كل شيء ، وليس الغلبة ، بل الأسلوب )) . وبذلك أصبحت الروح الرياضية بمثابة رمز صوفي دقيق مبهم يصعب ادراكه . فلم تكن الغلبة بالنسبة إليه مهمة أبدا ، وإنما كانت الاستقامة والمجاملة نحو منافسه في المباراة هما كل شيء .
وعلى هذا المبدأ ما لبثت الفكرة المعروفة باسم (( فير بلاى )) (Fair Play ) ، أي اللعب النقي المستقيم ، أن شاعت في عدة أقطار ، وغدا عطف الرياضي دائما في صف الضعيف ــ الشخص الصغير الذي يجاهد بكل قواه ضد العوائق القاهرة التي يصعب جدا التغلب عليها ــ أي في صف الشجاعة وليس في صف التفوق والسيطرة .
وحتى اليوم فإنك كثيرا ً ما ترى النظارة الانكليز ، في حالة مشاهدتهم مباراة بين فريقين متنافسين ( على التلفزيون مثلا ) ، يساندون الفريق الخاسر إلى أن يبدأ يفوز ، وعندئذ ترى شعورهم يتحول حالا إلى الجانب الآخر الذي بدأ يخسر .
وضع القواعد وتنسيقها
وعلى هذا النحو طوّر طلاب المدارس الخاصة قبل مئة سنة لعبة كرة القدم وجعلوها لعبة فنية تحتاج إلى مهارة خاصة ، وليس مجرد اختبار عزم وعضلات . كما وضع هؤلاء الشبان الرياضيون القواعد الاساسية لدستور اللعبة ونسّقوها في سنة 1863 ، عندما تكونت جمعية لكرة القدم . وكانت اذ ذاك قد نالت احتراما اجتماعيا ، وبدأت تنتشر بالتدريج في مختلف أرجاء الكرة الأرضية . وحيثما ذهب الانكليز ذهبت معهم كرة القدم . فحتى في سنة 1858 ، عندما أنزل المكتشف (( جون ديفز )) فريقا من البحارة الملتحين إلى جبل جليدي في المنطقة القطبية الشمالية ، نازل ذلك الفريق فريقا من رجال الاسكيمو في مبارة ودية وتغلب عليه . وما أن حل القرن العشرون حتى كان الجميع يلعبون كرة القدم ــ في افريقيا والعالم العربي والاميركيتين والشرق الأقصى ، وحتى في القطب الجنوبي . فقواعدها هينة ، ولوازمها رخيصة الثمن ، وأي انسان بقدمين يستطيع أن يضربها ويحصل على ذات المتعة الغريبة إذا ما فعل ذلك . ومشاهدة مبارياتها أصبحت هي الاخرى شائعة مستحبة على ذات المستوى .
وقد حدث عندما أدخلت هذه اللعبة لأول مرة إلى أحد الأقطار النائية ، أن استحوذت على قلوب بعض الطلاب من أبناء الخاصة حالما فرغوا من مشاهدة أو عرض لها ، فصفقوا اعجابا بما رأوا وطلبوا من مدربهم قائلين : (( نرجوك يا سيدي أن تسمح لنا باستدعاء خدامنا كي نتمكن من مشاهدتهم يلعبون ، فنمتع بذلك أنظارنا بدلا من ارهاق أجسامنا )) . ولا شك في أن هؤلاء الطلاب كانوا رواد تلك الملايين العديدة التي تهب اسبوعيا لتراقب فرقها المفضلة تخوض ميدان النزال ، مما أدى إلى انشاء الميادين الضخمة ، ومن جملتها نخص بالذكر ميدان ريو دى جانيرو في البرازيل الذي يستطيع أن يحوي نحو 220.000 ألف متفرج في المباراة الواحدة .
التفنن في اللعب
وفي مطلع هذا القرن بدت مباريات كرة القدم كأنها شيء غريب في أعين الناظر الحديث . ففي أوربا كثيرا ما كان اللاعبون يلبسون القبعات العمودية الشكل كتلك التي تلبس في الحفلات ، والسراويل ، ويلتحون بلحى خشنة . وكانت الفرق المتنافسة تزأر فوق أرض الملعب كقطعان الوحوش ، وغرضها الاساسي من وراء ذلك اشغال حارس المرمى بالصخب والضجيج وتكويل أنظاره عن طريق الكرة . ولكن الأسلوب والحركات الفنية تغيرت بالتدريج ، وأدخلت الطريقة العلمية .
وأصبح اللعب كمجموعة أهم بكثير من الحذاقة الفردية ، واحتل التمرير مكان الدهدهة . وقد طوّر الانكليز مهاراتهم ونقلوها إلى غيرهم ، مشرّبين معها أيضا مبادئ الروح الرياضية المثلى . وقالوا في هذا الصدد : (( ان مثل اللاعب الذي يسيء في ساحة اللعب ، هو مثل ذلك الشخص الشرير الوغد ، وليس كناقض للقواعد فحسب . اذ أنه خارج الملعب قد يغتال أقرب المقربين اليه )) ..
افلات زمام اللعبة من ايدي الانكليز
image
وغني عن التنويه أن الانكليز كانوا حتى عهد قريب متفوقين في كرة القدم على جميع الأمم . وكانت أسماء فرق انكليزية كفريق (( آرسينال )) (( الترسانة ) من جملة الكلمات البيتية الدارجة في كثير من الأقطار . كما أن بعض اللاعبين الماهرين من أمثال (( أليك جيمز )) و (( تومي لوتن )) و (( ستانلي ماثيوز )) ( الذي زار قبل مدة غانا ونودى به زعيما شرفيا ، فيها ) كانوا أبطالا في أعين الكثيرين من طلاب المدارس الأجنبية .
ولكن ، كما هو الحال مرارا ، كثيرا ما يتفوق التلاميذ على معلميهم ، وهذه بلا شك بادرة حسنة في الحياة ، فلولا ذلك لما حصل أي تقدم في أعمال نشاطها . وهكذا رأينا الفريق الهنغاري بعد الحرب العالمية الأخيرة يتغلب على الفريق الانكليزي بست اصابات مقابل ثلاث ، وعلى أرض انكليزية .
وبذلك كانت هنغاريا أول دولة استطاعت أن تحقق مثل هذا الفوز الباهر .
وكانت النتيجة أن أشرفت حقبة من تاريخ كرة القدم على النهاية ــ حقبة انتهت أخيرا ، على حد اعتقاد الكثيرين ، عندما غلبت انكلترا على أمرها باصابة مقابل لا شيء في احدى مباريات الكاس الدولية التي عقدت في مدينة ريو عام 1950 ، من قبل جماعة من اللاعبين الهواة الذين مثلوا الولايات المتحدة ،حيث تعتبر لعبة كرة القدم مجرد ملهاة لا يتعاطاها سوى النزر اليسير من السكان .
ادخال الآراء الجديدة
ومضت اللعبة تتطور شيئا فشيئاً بادخال آراء جديدة عليها ، واستطاعت أقطار عدة أن تستفيد كثيراً من جراء ذلك . وفي مطلع عام 1950 ، لم يستطع أحد قهر الفريق الهنغاري . أما الآن فإن الفريق السائد هو الفريق البرازيلي الذي استطاع أن يفوز ببطولة الكأس الدولية مرتين متتاليتين ، وذلك عام 1958 وفي هذا العام وعد ببيت قيمته عشرون ألف دولار اذا تمكنوا من التغلب على البرازيل . وبطبيعة الحال عملوا كل ما في وسعهم لتحقيق ذلك . ومع أنهم خسروا ، فإنهم حصلوا على جوائز أخرى كثيرة بالإضافة إلى بواليص تأمين مجانية على حياتهم ، ورحلة بحرية مدتها خمسة عشر يوما لهم ولعائلاتهم .
ويستطيع لاعبو الدرجة الأولى الآن أن يحصـّلوا 200 جنيه أسبوعيا أو يزيد بالاضافة إلى نسبة مئوية من رسم نقلهم من فريق إلى آخر . واذا أخذنا بعين الاعتبار (( نادي جوفنتس )) الايطالي الذي عرض مبلغ 185.000 جنيه مقابل خدمات النجم البرازيلي (( أمارلدو )) لتبين لنا أن نسبة ضئيلة من المبلغ المذكور هي شيء لا يلعب من أجله فقط ، بل يحارب أيضاً . زد على ذلك أن كلا من هؤلاء اللاعبين يحصل على بيت واسع وخدم وسيارة .
الواجبات الملقاة على عاتق اللاعب العصري
وليس من المستغرب أن يقف اللاعب العصري البارز حياته على كرة القدم ، مثله في ذلك مثل راقصة الباليه ، والجراح ، وأي شخص آخر يساهم في مهنة ما ، حيث المكافآت الكثيرة والشهرة العظمية . ولكن ارتكاب الاخطاء الصغيرة قد يودي به في طرفة عين إلى السقوط إلى أسفل دركات الحضيض ولا بد للاعبين من أمثال . (( دى ستيفانو )) و (( أمارلدو )) و (( جارينشا )) و (( جيمي جريفز )) و (( بوشكس )) أن تتجمع في كل منهم مهارات المشعوذ وراقصة الباليه والبهلوان والجندي ، أن هم أرادوا الاحتفاظ بمنزلتهم المبجلة .
ومعنى ذلك أنه يجب على كل واحد منهم أن يكون صاحب نزوة وبديهة وبعد نظر ، سريعا في حركاته سرعة البرق الخاطف . فعندما يلعبون ، فانما يلعبون ليذبحوا أو يقتلوا . وأمثال هؤلاء يبدأون حياتهم عادة بالفقر المدقع ، أما في حي اسباني حقير وبيء ، وأما في احدى المدن الأوربية التي دكتها قنابل الحرب .
وكرة القدم بالنسبة إليهم هي بمثابة المنقذ الذي ينجيهم من براثن الفاقة والبؤس والشقاء . وعلى هذا المنوال بدأ (( بوشكس )) العظيم حياته ــ طفلا صغيراً حافي القدمين ، يلبس الاطمار البالية ، ويتدرب ساعة تلو الاخرى في موقع دكته القنابل في مدينة بودابست عاصمة هنغاريا . ومما لا شك فيه أن كرة القدم في حالات كهذه لا تعود تعتبر رياضة ، وإنما تصبح مجموعة جزع أو مدارات في حياة الشخص .
image
وعلى هذه الصورة تدخل كرة القدم عامها المئوي من حياتها الرسمية . فهل تستمر كما تخيلها واضعو قواعدها سنة 1863 ، لعبة متعة وتسلية ووسيلة لخلق الصداقات بين الأفراد والأمم
syria-news.